و أجمل منك لم ترَ قط عيني و أكمل منكَ لم تلدُ النساءُ



و أجمل منك لم ترَ قط عيني و أكمل منكَ لم تلدُ النساءُ
صلى الله عليه و سلم


تعالوا سوياً لنقتبس بعض من مواقف رحمة النبي صلى الله عليه وسلم
مدخل

كل القلوب الى الحبيب تميل             ومعي بهذا شاهد ودليل
اما  الدليل  اذا  ذكرت محمد        سارت دموع العارفين تسيل
هذا رسول الله نبراس الهدى        هذا  رسول  للعالمين رسول

المقدمه
جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال
والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ،
وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد ،
وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق ، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي
الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال :

وأجمل منك لم ترَ قط عيني              وأكـمـل مـنك لم تلد النساء
خُـلـقـت مـبـرّأً من كل عيب               كـأنـك قـد خُـلقت كما تشاء
فمن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة
والرأفة بالغير ، كيف لا ؟
وهو المبعوث رحمة للعالمين ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ،
ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ،
حتى صارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ،
والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله تعالى ،
فالراحمون يرحمهم الرحمن .
وقد تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم في عددٍ من المظاهر والمواقف ،

ومن تلك المواقف :
رحمته بالأطفال:

كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرقّ لهم ،
حتى كان كالوالد لهم ، يقبّلهم ويضمّهم ، ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر ،
كما فعل بعبدالله بن الزبير عند ولادته .

( جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال :
 تُقَبِّلونَ الصِّبيانَ ؟ فما نُقَبِّلُهم،
 فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
 أوَ أملِكُ لك أن نزَعَ اللهُ من قلبِك الرحمةَ ) .
" صحيح البخاري"
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ،
 فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .

وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ،
فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،
فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه )
 رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ،
 فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت :

 ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ،
فدعا بماء ، فأتبعه إياه )
رواه البخاري.وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا
والتسليم ، والصبر والاحتساب ، ولما مات حفيده صلى الله عليه وسلم
فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه :
( يا رسول الله ما هذا؟
فقال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ،
 وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
 صحيح البخاري

رحمته بالنساء

لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ،
والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ،
فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّ ،
 وكان يقول :

 ( من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار )
 بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال :

( ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهنّ عوان عندكم
 ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
 صحيح الجامع

وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ،
 حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها
رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة
رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه . 

رحمته بالضعفاء عموماً

وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم ،
الذين هم مظنّة وقوع الظلم عليهم ، والاستيلاء على حقوقهم ،
وكان يقول في شأن الخدم :

( هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ،
فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ،
ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم )
صحيح البخاري
ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ،
ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم :

 ( إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه
فإنه هو الذي ولي حره ودخانه )
رواه ابن ماجة وأصله في مسلم .
ومثل ذلك اليتامى والأرامل ، فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ،
وكان يقول :

( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى )
 صحيح أبي داود
 وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ،
 وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ،
والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ،
 فقال صلى الله عليه وسلم :

( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم )
 صحيح الجامع

رحمته بالبهائم

وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ،
 فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق ،
 فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ،
 وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته )
صحيح مسلم

( قالَ: فدخلَ حائطًا لرَجُلٍ مِن الأنصارِ فإذا جَملٌ،
 فلَمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّ وذرِفَت عيناهُ،
 فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسحَ ذِفراهُ فسَكَتَ،
 فقالَ: مَن ربُّ هذا الجَمَلِ، لمن هذا الجمَلُ؟
فَجاءَ فتًى منَ الأنصارِ فَقالَ: لي يا رسولَ اللَّهِ
فَقالَ: أفلا تتَّقي اللَّهَ في هذِهِ البَهيمةِ الَّتي ملَّكَكَ اللَّهُ إيَّاها؟
فإنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئبُهُ )
 رواه أبو داوود . 

رحمته بالجمادات
ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ،
بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة
عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ،
وهي : حادثة حنين الجذع ،


( كان المسجدُ مسقوفًا على جذوعٍ من نخلٍ ،
فكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا خطب يقومُ إلى جِذْعٍ منها ،
فلمَّا صُنِعَ لهُ المنبرُ وكان عليهِ ، فسمعنا لذلكَ الجِذْعِ صوتًا كصوتِ العِشَارِ
، حتى جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فوضع يدَهُ عليها فسكنتْ )

رحمته بالأعداء حرباً وسلماً

فعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم
 قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم ، وليس أدلّ على ذلك من قصة
إسلام الصحابي الجليل ثمامة بن أثال رضي الله عنه ،
عندما أسره المسلمون وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فربطوه
بسارية من سواري المسجد ، ومكث على تلك الحال ثلاثة أيام
وهو يرى المجتمع المسلم عن قرب ، حتى دخل الإيمان قلبه ،
 ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاقه ، فانطلق إلى نخل قريب من
المسجد فاغتسل ،
( ثم دخل المسجدَ فقال :
 أشهد أن لا إله إلا اللهُ وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه . يا محمدُ !
 واللهِ ! ما كان على الأرض وجهٌ أبغضُ إليَّ من وجهك ،
 فقد أصبح وجهُك أحبَّ الوجوه كلِّها إليَّ .
واللهِ ! ما كان من دينٍ أبغضَ إليَّ من دِينِك .
 فأصبح دينُك أحبَّ الدينِ كلِّه إليَّ . واللهِ !
ما كان من بلدٍ أبغضَ إليَّ من بلدِك . فأصبح بلدُك أحبَّ البلادِ كلِّها إليَّ )  
 وسرعان ما تغير حال ثمامة فانطلق إلى قريش يهددها بقطع
طريق تجارتهم ، وصار درعاً يدافع عن الإسلام والمسلمين .

كما تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم أيضاً في ذلك الموقف العظيم ،
يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى له ، حينما أعلنها صريحةً واضحةً :

( اليوم يوم المرحمة )
وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق
 الأذى بالمسلمين ، فقابل الإساءة بالإحسان ، والأذيّة بحسن المعاملة .









لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة ، فهو رحمة ،
 وشريعته رحمة ، وسيرته رحمة ، وسنته رحمة ،
وصدق الله إذ يقول :

 { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }
الأنبياء : 107









ليست هناك تعليقات: