الصداقة في الاسلام


الصداقة في الاسلام

لا غنى للمرء منا عن صديق صالح، ناصح، حنون،
يجيد فن الانصات فيحتوينا بأذنه الواعية، ولسانه الصادق بالنصيحة،
وحضنه الكبير بما يكنه لنا من مشاعر دافئة
يقال: " من ظن انه يمكن الاستغناء عن الصديق فمغرور ومن ظن ان وجوده سهل فجاهل"
وقد تجاوز مفهوم الصداقة في الإسلام ذلك المعنى الظرفي الذي غالبا ما تتخلله بعض المصالح
وان كانت مباحة ليبلغ مكانة المحبين عند رب العالمين،
فقال جل وعلا في حديث قدسي:
" وجبت محبتي للمتحابين في
والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في "
رواه الامام احمد في مسنده والحاكم وهو حديث صحيح
والصداقة رمز للألفة وحسن المعاشرة..
مما يربطها بالإيمان مباشرة، بل أكمل الإيمان،
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، الموطؤون أكنافا ،
الذين يألفون ويؤلفون ، و لا خير فيمن لا يألف ولايؤلف "
حديث حسن
وقال صلى الله عليه وسلم :
"من سره ان يجد حلاوة الايمان فليحب المرء ، لا يحبه الا لله "
رواه الامام احمد في مسنده عن ابي هريره ورواه الحكم واسناده حسن
1- الصداقة في المشهد الاخروي
أ- لغير المتقين
قال عليابن ابي طالب:
"الناس اخوان فمن كانت اخوته في غير ذات الله فهي عداوة"
وذلك لقول الله عز وجل
" الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"
الزخرف﴿٦٧﴾
يأتي خليل الدنيا يخاصم صديقه أمام رب العزة فيشتكيه إلى الله ليأخذ من حسناته بحجة انه لميكن له ناصحا أو هاديا أو معينا على الخير....
فينطبق عليه حينها قول الله تعالى:
((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً *
يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً ))
الفرقان 27
ب- للمتقين
عن أبي هريرةرضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، .....،
وذكر منهم
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقاعليه....."
متفق عليه
وشروط الحديث ثلاثه : الحب وهورزق من الله،
ثم الاخلاص في الصحبة في الله حيث (اجتمعا عليه)،
والاستمرارية برعاية الصداقة والحب حتى الموت (تفرقا عليه)
والاستمرارعلى الحب والإخلاص إلى أن يفرق بينهما الموت شرط صعب فان حصل ما يفسد الصداقة فسدالعمل وأحبط كله
2- السبيل لاختيار الصاحب
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:
" ينبغي أنيكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال:
أن يكون عاقلا حسن الخلق غير فاسق ولا مبتدع ولاحريص على الدنيا" .
ويختم ابن الجوزي رحمه الله تعالى فيقول:
" ومن اجتمعت فيه هذه الخصال كلها فإن صحبته لا ينتفع بها في الدنيا فقط بل ينتفع بهافي الآخرة وعلى هذا يحمل كلام بعض الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى :
"استكثروا من الأخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة" .
3- شروط استمرار الصداقة
نلخص بعض المبادئ التي تعينك لكي تكون صديقا "مثاليا"
مع بعض التحفظ أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم
أ- النصيحة والبوح بالمحبة
عن معاذ بن جبل أنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بيدي فقاللي:
يا معاذ، والله إني لأحبك،فقلت: بأبي أنت وأمي والله إني لأحبك،
قال: يا معاذ، إني أوصيك: لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة:
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،
وأوصى بذلك معاذ الصنابحي،وأوصى به الصنابحي أبا عبد الرحمن الحبلي،
وأوصى به أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم.
أخرجه أحمد و أبو داود
ب - التواضع أمام الأصحاب
كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعيش مع أصحابه كواحد منهم،
ويحذِّرُهم أن يرفعوه فوق منزلته، وأن يبالغوا في إطرائه فكان يقول:
"أنا محمد بن عبد الله ، أنا عبد الله و رسوله ،
ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله "
الراوي: أنس بن مالك المحدث، المحدث الالباني
ج - التشاور
في مشاورته تطييباً لنفسه، فحينما تشاور صديقك تُشْعِرُه أنه شريكك ،
وهذا من الأساليب التربوية قال صلى الله عليه وسلم مرةً لأبي بكرٍ وعمر:
"لَوِاجْتَمَعْتُمَا فِي مَشُورَةٍ مَا خَالَفْتُكُمَا"
من مسند أحمد : عن " أبي بكر وعمر "
وروى الشافعي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
ما رأيت أحداً أكثر مشاورةً لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم
د- تقبل النصيحة
النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في موقعة بدر اختار موقعًا ،
فجاء صحابي في أعلى درجات الأدب و الحُب ،
وسأل النبي قال: يا رسول الله هذا الموقع وحيٌ أوحاه الله إليك أم هو الرأي والمكيدة ؟
قال له : بل هو الرأي والمكيدة ،
فقال : يا رسول الله ليس بموقع،
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام بكل بساطة ومن دون تشنُّج :
أين الموقع المناسب ؟
قال : هناك ، فأعطى النبيُّ أمرًا بنقل الجيش إلى ذاك الموقع.
وهذا قول سيدنا عمر: "أحبُّ ما أهدى إلي أصحابي عيوبي"
هذا حال الإنسان المؤمن ؛ يقبل النصيحة ، ويصغي إليها ،
ويشكر صاحبها ، لا يحتقره ، ولا يعنفه ،
ولا يهجره ، ولايَعدُّ هذا تجرُّؤًا عليه ، أبداً ،
اشكره على نصيحته
اخوتي في الله
قال صلى الله عليه وسلم:
"لو ان عبدين تحابا في الله واحد في الشرق واخر في الغرب
لجمع الله بينهما يوم القيامة يقول هذا الذي كنت تحبه في " .
رواه البيهقي في شعب الايمان

ليست هناك تعليقات: